دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة إلى تعزيز قوانين مكافحة الثقة قبل الخصخصة

18 June 2016 الكويت

وعلى مدى سنوات، نجحت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي في الحفاظ على نمو الناتج المحلي الإجمالي وإثارة السخط الاجتماعي من خلال الاستغناء عن عائدات النفط في مشاريع البنية التحتية ودعم مشاريع القطاع الحكومي الخاسرة وخلق فرص العمل في القطاع العام الشباب العاطلين عن العمل. لكن تراجع أسعار النفط منذ منتصف عام 2014، والذي أدى إلى انخفاض كبير في عائدات النفط وعجز الميزانية اللاحقة وتخفيض الإنفاق، جعلت الحكومات تدرك أن نموذج "العمل كالمعتاد" لن يعمل بعد الآن.

وتعتمد معظم دول مجلس التعاون الخليجي على النفط كمصدر رئيسي للتصدير والإيرادات المالية. ولكن مع انخفاض الأسعار الحالية واحتمالات النفط استعادة بريقها في المستقبل القريب التي تبدو قاتمة على نحو متزايد، والحكومات في الكتلة من ست دول تبحث في سبل لتنويع اقتصادهم وفك السوق المحلية من اعتمادها شبه الكلي على عائدات النفط . وتهدف خطط التنويع االقتصادي الجديدة التي يجري تنفيذها ليس فقط إلى الحد من تعرض هذه البلدان لتقلب األسواق العالمية للنفط وعدم اليقين، ولكن أيضا لخلق اقتصاد قوي غير نفطي. وتهدف خطط التنويع إلى زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، وتحسين الإنتاجية، وخلق فرص العمل، وضمان النمو الذي سيحافظ على هذه الدول عندما تبدأ عائدات النفط في التضاؤل ​​في المستقبل.

وتمشيا مع خطط التنويع، تقوم دول مجلس التعاون الخليجي بإدخال أو وضع عدد كبير من الإصلاحات الاقتصادية والقانونية والمالية التي تهدف إلى تعزيز بيئة الأعمال، بما في ذلك تحرير التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر، وتطوير البنية التحتية، والقطاع الخاص، وخصخصة العديد من الشركات المملوكة للدولة أو جزئيا خصخصتها جزئيا.

وكجزء من حملة الخصخصة هذه، تجري سلسلة من مبيعات الأصول الحكومية في جميع أنحاء المنطقة. في العام الماضي، كشف وزير المالية العماني، دون إعطاء أي تفاصيل محددة، أن السلطنة ستخصخص ثلاث شركات مملوكة للدولة في عام 2016. في أبريل من هذا العام، أعلنت المملكة العربية السعودية خطة التنمية 15 عاما التي تشمل خصخصة أصول الدولة السعودية بين فإن الأصول المملوكة للدولة للبيع هي طرح عام أولي للأسهم في شركة النفط العملاقة أرامكو السعودية وجميع المطارات ال 27 في البلاد. وفي الوقت نفسه، تحاول الكويت بيع شركتها الوطنية، الخطوط الجوية الكويتية، في محاولة لجعل شركة الطيران قادرة على المنافسة والمربحة. ومع ذلك، فإن عملية الخصخصة "من جديد، مرة أخرى" قد قللت الحماس بين العديد من المشترين المحتملين.

ولكن وسط كل هذا الحماس لبيع أصول الدولة، لا ينبغي أن ننسى أن هناك بعض المخاطر الكامنة في الخصخصة الجامحة. وفي أجزاء كثيرة من العالم، حيث حدثت خصخصة، أو خصخصة جزئية، لمشاريع متعددة في القطاع العام، اكتشف الفساد المتفشي. وقد تبين أن الموظفين الحكوميين الذين لديهم مصالح خاصة ينخرطون في ممارسات فاسدة تدمر الغرض المقصود من الخصخصة. وفي مقابل الانحناء أو كسر القواعد، وجد أن هؤلاء الموظفين حصلوا على مزايا شخصية مربحة، بما في ذلك الحوافز المالية أو غير المالية، من المشترين المحتملين من القطاع الخاص.

وفي أعقاب الخصخصة أيضا، شهدت الأعمال التجارية سلوكيات منافية للمنافسة مثل تحديد الأسعار، والتسعير الافتتاحي، وتزوير العطاءات، أو التواطؤ الذي يؤدي إلى مشاريع احتكارية. وعلى الرغم من أن الفساد كان يعتبر في السابق جريمة في الغالب بالنسبة للقطاع الحكومي وأن السلوك المناهض للمنافسة يقتصر على المجال الخاص، هناك أدلة متزايدة الآن على وجود صلة غير مقدسة قائمة بين هاتين الجريمتين الاقتصاديتين. ويتطلب ضمان اقتصاد مفتوح وتنافسي المزيد من اليقظة وقوانين أقوى لمكافحة الاحتكار لتنظيم سلوك الكيانات التجارية وتنظيمها وتجريم الفساد والممارسات المنافية للمنافسة في القطاعين الخاص والعام.

وعلى الرغم من أن معظم دول الخليج لديها شكل من أشكال قوانين مكافحة الاحتكار ومكافحة الرشوة، إلا أنها قديمة إلى حد بعيد وتفتقر إلى إطار شامل يحتاج إلى معالجة بعض الفساد والممارسات المنافية للمنافسة السائدة اليوم. ويحذر الخبراء من أنه ما لم تقم دول مجلس التعاون الخليجي بتعزيز قوانينها الخاصة بمكافحة الاحتكار والتأكد من أن خصخصة أصولها الحكومية تتم بطريقة شفافة، فإنها تخاطر بتزايد الفساد في الصناعات ذاتها التي تأمل في جعلها أكثر قدرة على المنافسة.

ومن بين أمور أخرى، ينبغي لقوانين مكافحة الاحتكار الجديدة والقوية أن توقف الأعمال التجارية من التواطؤ الضمني الذي يخلق الاحتكارات ومخصصات السوق التي تخنق المنافسة. وعليهم أن يعاقبوا على حفظ السجلات بطريقة غير سليمة، مما يسمح للشركات بإخفاء المعاملات الفاسدة، وإنشاء سجلات عامة تكشف عن معلومات مفصلة وشفافة عن ملكية الشركات. أي اقتصاد نابض بالحياة يعتمد على الشفافية والمنافسة العادلة والأسواق المفتوحة؛ فإن عدم وجود هذه الخصائص السوقية يؤدي إلى المستهلكين، سواء من الأفراد أو الشركات، وينتهي ذلك إلى ارتفاع الأسعار، وانخفاض نوعية المنتجات والخدمات، وتقييد الخيارات، فضلا عن زيادة عدم الكفاءة وانخفاض الإنتاجية والابتكار. وفي حين أن الخصخصة تشكل نبأ عظيما لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، فإن المزيد من الأخبار سيكون تنفيذ قوانين مكافحة الاحتكار التي توقف الفساد والسلوك المناهض للمنافسة الذي يؤثر على كل من الناس والشركات.

: 1137

تعليقات أضف تعليقا

اترك تعليقا